فصل: قال الكرماني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} وفى غيرها {يا أهل الكتاب} لأَنَّه سبحانه استخفَّ بهم في هذه الآية، وبالغ، ثمّ ختم بالطمس، وردِّ الوجوه على الأَدبار، واللَّعن، وأَنَّها كلَّها واقعة بهم.
قوله: {دَرَجَة} ثمّ في الآية الأُخرى {دَرَجَات} لأَنَّ الأُولى في الدُّنيا والثانية في الجنة.
وقيل: الأُولى بالمنزلة، والثانية بالمنزل.
وهى درجات.
وقيل: الأُولى على القاعدين بعُذْر، والثانية على القاعدين بغير عذر.
قوله: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} بالإِظهار هنا وفى الأَنفال، وفى الحشر بالإِدغام، لأَنَّ الثانى من المثلين إِذا تحرّك بحركة لازمة وجب إِدغام الأَوّل في الثانى؛ أَلا ترى أَنَّك تقول ارْدُدْ بالإِظهار، ولا يجوز ارْدُدَوا وارددوا وازددى، لأَنها تحركت بحركة لازمة (والأَلف واللام في الله لازمتان، فصارت حركة القاف لازمة) و(ليس) الأَلف والَّلام في الرّسول كذلك.
وأَمَّا في الأَنفال فلانضمام (الرّسول) إليه في العطف لم يدغم؛ لأَنَّ التقدير في القاف أَن قد اتَّصل بهما؛ فإِنَّ الواو يوجب ذلك.
قوله: {كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للَّهِ}، وفى المائدة: {قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} لأَنَّ (الله) في هذه السّورة متصل ومتعلِّق بالشَّهادة، بدليل قوله: {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ والأَقْرَبِينَ} أي ولو تشهدون عليهم، وفى المائدة متَّصل ومتعلِّق بقوّامين، والخطاب للولاة بدليل قوله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ} الآية.
قوله: {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوْهُ} وفى الأَحزاب {إِن تُبْدُواْ شَيْئًا} لأَنَّ هنا وقع الخير في مقابلة السّوءِ في قوله: {لاَ يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسَّوْءِ} والمقابلة اقتضت أَن يكون بإِزاءِ السُّوءِ الخيرُ، وفى الأَحزاب بعد (ما في قلوبهم) فاقتضى العموم، وأَعمُّ الأَسماءِ شىءٌ.
ثم ختم الآية بقوله: {فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شيء عَلِيمًا}.
قوله: {وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وباقى ما في هذه السّورة {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} لأَنَّ الله سبحانه ذكر أَهلَ الأَرض في هذه الآية تبعًا لأَهل السّموات، ولم يفردهم بالذكر لانضمام المخاطَبين إِليهم ودخولهم في زُمْرتهم وهم كفَّارُ عبدة الأَوثان، وليسوا المؤْمنين ولا من أَهل الكتاب لقوله: {وَإِنْ تَكْفُرُوْا} فليس هذا قياسًا مُطَّرِدًا بل علامة.
قوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} بواو العطف وقال في آخر السّورة {يَسْتَفْتُونَكَ} بغيرواو، لأَنَّ الأَوّل لمّا اتَّصل بما بعده وهو قوله: {فِي النِّسَاءِ} وصله بما قبله بواو العطف والعائد جميعًا، والثَّانى لَمَّا انفصل عمّا بعده اقتصر من الاتِّصال على العائد وهو ضمير المستفتين و[ليس] في الآية متَّصل بقوله: {يَسْتَفْتُونَكَ} لأَنَّ ذلك يستدعى: قل الله يفتيكم فيها أي في الكلالة، والذى يتَّصل بيستفتونك محذوف، يحتمل أَن يكون {فى الكلالة}، ويحتمل أَن يكون فيما بدالهم من الوقائع. اهـ.

.قال الكرماني:

سورة النساء:
69- قوله في هذه السورة: {والله عليم حليم} 12 ليس غيره أي عليم بالمضارة حليم عن المضادة.
70- قوله: {خالدين فيها وذلك الفوز العظيم} 13 بالواو وفي براءة ذلك [89 100] بغير واو لأن الجملة إذا وقعت بعد جملة أجنبية لا تحسن إلا بحرف العطف وإن كان في الجملة الثانية ما يعود إلى الأولى حسن إثبات حرف العطف وحسن الحذف اكتفاء بالعائد ولفظ ذلك في الآيتين يعود إلى ما قبل الجملة فحسن الحذف والإثبات فيهما ولتخصيص هذه السورة بالواو وجهان لم يكونا في براءة.
أحدهما موافقة لما قبلها وهي جملة مبدوءة بالواو وذلك قوله: {ومن يطع الله} [13]
والثاني موافقة لما بعدها وهو قوله: {وله} بعد قوله: {خالدا فيها}.
وفي براءة: {أعد الله} بغير واو ولذلك قال ذلك بغير واو.
71- قوله: {محصنين غير مسافحين} [24] في أول السورة وبعدها: {محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخذان} 25 وفي المائدة: {محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخذان} 5 لأن في هذه السورة وقع في حق الأحرار المسلمين فاقتصر على لفظ غير مسافحين والثانية في الجواري وما في المائدة في الكتابيات فقال ولا متخذي أخذان حرمة للحرائر المسلمات لأنهن إلى الصيانة أقرب ومن الخيانة أبعد ولأنهن لا يتعاطين ما يتعاطاه الإماء والكتابيات من اتخاذ الأخذان.
72- قوله: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} 43 في هذه السورة وزاد في المائدة منه 6 لأن المذكور في هذه بعض أحكام الوضوء والتيمم فحسن الحذف والمذكور في المائدة جميع أحكامهما فحسن الإثبات والبيان.
73- قوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} [48] ختم الآية مرة بقوله: {فقد افترى} [48] ومرة بقوله: {فقد ضل} [116] لأن الأول نزل في اليهود وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابهم والثاني نزل في الكفار ولم يكن لهم كتاب فكان ضلالهم أشد.
74- قوله: {يا أيها الذين أوتوا الكتاب} [47] وفي غيرها: {يا أهل الكتاب} [3 65 70 71 99 و5 19 59] إلخ لأنه سبحانه استخف بهم في هذه الآية وبالغ ثم ختم بالطمس ورد الوجوه على الأدبار واللعن وبأنها كلها واقعة بهم.
75- قوله: {درجة} [95] ثم في الآيات الأخرى {درجات} [96 و3 163 و4 96 و6 83 132] لأن الأولى في الدنيا والثاني في الجنة وقيل الأولى المنزلة والثانية المنزل وهو درجات وقيل الأولى على القاعدين بعذر والثانية على القاعدين بغير عذر.
76- قوله: {ومن يشاقق الرسول} [115] بالإظهار في هذه السورة وكذلك في [الأنفال: 13] وفي الحشر: بالإدغام 4 لأن الثاني من المثلين إذا تحرك بحركة لازمة وجب إدغام الأول في الثاني ألا ترى أنك تقول اردد له بالإظهار ولا يجوز ارددا أو ارددوا أو ارددي لأنها تحركت بحركة لازمة الألف واللام في الله لازمتان فصارت حركة القاف لازمة وليس الألف واللام في الرسول كذلك وأما في الأنفال.
فلانضمام الرسول إليه في العطف ولم يدغم فيها لأن التقدير في القافات قد اتصل بهما فإن الواو توجب ذلك.
77- قوله: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} [135] وفي المائدة {قوامين لله شهداء بالقسط} [8] لأن لله في هذه السورة متصل ومتعلق بالشهادة بدليل قوله: {ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} [135] أي ولو تشهدون عليهم وفي المائدة منفصل ومتعلق بقوامين والخطاب للولاة بدليل قوله: {ولا يجرمنكم شنآن قوم} [8 الآية].
78- قوله: {إن تبدوا خيرا أو تخفوه} [149] في هذه السورة وفي الأحزاب {إن تبدوا شيئا} [54] لأن في هذه السورة وقع الخبر في مقابلة السوء في قوله: {لا يحب الله الجهر بالسوء} [148] والمقابلة اقتضت أن يكون بإزاء السوء الخير وفي الأحزاب وقع بعدها: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض} [60] فاقتضى العموم وأعم الأسماء شيء ثم ختم الآية بقوله: {فإن الله كان بكل شيء عليما} [54].
79- قوله: {وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض} [170] وسائر ما في هذه السورة {ما في السموات وما في الأرض} [126 131 171] لأن الله سبحانه ذكر أهل الأرض في هذه الآية تبعا لأهل السموات ولم يفردهم بالذكر لانضمام المخاطبين إليهم ودخولهم في زمرتهم وهم كفار عبدة أوثان وليسوا بمؤمنين ولا من أهل الكتب لقوله: {وإن تكفروا} [170] وليس هذا قياسا مطردا بل علامة.
80- قوله: {يستفتونك} [176] بغير واو لأن الأول لما اتصل بما بعده وهو قوله في النساء 127 وصله بما قبله بواو العطف والعائد جميعا والثاني لما انفصل عما بعده اقتصر من الاتصال على العائد وهو ضمير المستفتين وفي الآية متصل بقوله يفتيكم وليس بمتصل بقوله يستفتونك لأن ذلك يستدعي قل الله يفتيكم في الكلالة والذي يتصل يستفتونك محذوف يحتمل أن يكون في الكلالة ويحتمل أن يكون فيما بدا لهم من الوقائع. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة النساء:
الناس: اسم للجنس البشرى، وهو الحيوان الناطق المنتصب القامة الذي يطلق عليه اسم (إنسان). تساءلون به: أي يسأل به بعضكم بعضا، بأن يقول سألتك باللّه أن تقضى هذه الحاجة، والأرحام: أي خافوا حق إضاعة الأرحام، والرقيب: المراقب وهو المشرف من مكان عال، والمرقب: المكان الذي يشرف منه الإنسان على ما دونه، والمراد هنا بالرقيب الحافظ لأن ذلك من لوازمه.
اليتيم لغة: من مات أبوه مطلقا، لكن العرف خصصه بمن لم يبلغ مبلغ الرجال، ولا تتبدلوا: أي لا تستبدلوا، والخبيث: هو الحرام، والطيب: هو الحلال، حوبا كبيرا:
أي إثما عظيما، القسط: النصيب، وقسط: جار. قال اللّه تعالى: {وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}.
وأقسط: عدل. قال اللّه تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} ما طاب لكم: أي مامال إليه القلب منهن، مثنى وثلاث ورباع: أي ثنتين ثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا، ذلك أدنى ألا تعولوا: أي ذلك أقرب إلى عدم العول والجور، صدقاتهن: مهورهن، نحلة: أي عطية وهبة، هنيئا مريئا: الهنيء ما يستلزه الآكل، والمريء: ما تجمل عاقبته كأن يسهل هضمه وتحسن تغذيته.
السفهاء واحدهم سفيه: وهو المبذّر للمال المنفق له فيما لا ينبغى، وأصل السفه الخفة والاضطراب، ومنه قيل زمان سفيه: إذا كان كثير الاضطراب، وثوب سفيه: ردئ النسج، ثم استعمل في نقصان العقل في تدبير المال وهو المراد هنا، قياما: أي تقوم بها أمور معايشكم، وتمنع عنكم الفقر. قال الراغب: القيام والقوام ما يقوم به الشيء ويثبت كالعماد والسناد لما يعمد ويسند به، وارزقوهم: أي وأعطوهم، والقول المعروف: ما تطيب به النفوس وتألفه كإفهام السفيه أن المال ماله لا فضل لأحد عليه، آنستم منهم رشدا: أي أبصرتم منهم حسن التصرف في الأموال، الإسراف: مجاوزة الحد في التصرف في المال، والبدار: المبادرة والمسارعة إلى الشيء، يقال بادرت إلى الشيء وبدرت إليه، فليستعفف:
أي فليعفّ، والعفة: ترك ما لا ينبغى من الشهوات، والحسيب: الرقيب.
مفروضا: أي محتوما لابد لهم أن يأخذوه. الخشية: الخوف في محل الأمن، والسديد: العدل والصواب والسداد (بالكسر) ما يسد به الشيء كالثغر (موضع الخوف من العدو) والقارورة، وورد قولهم: فيها سداد من عوز بكسر السين: أي فيها الغناء والكفاية، وصلى اللحم صليا شواه، فإذا أراد إحراقه يقال أصلاه إصلاء وصلّاه تصلية، وصلى يده بالنار: أدفأها، واصطلى: استدفأ، والسعير: النار المستعرة المشتعلة، يقال سعرت النار وسعّرتها.
العضل: التضييق والشدة، ومنه الداء العضال الشديد الذي لا نجاة منه، والفاحشة: الفعلة الشنيعة الشديدة القبح، والمبينة: الظاهرة الفاضحة، والمعروف:
ما تألفه الطباع ولا يستنكره الشرع ولا العرف ولا المروءة، والبهتان: الكذب الذي يبهت المكذوب عليه ويسكته متحيرا، والإثم: الحرام، أفضى: أي وصل إليها الوصول الخاص الذي يكون بين الزوجين، فيلابس كل منهما الآخر حتى كأنهما شيء واحد، والميثاق الغليظ: العهد المؤكد الذي يربطكم بهن أقوى رباط وأحكمه.
سلف: أي مضى، فاحشة: أي شديد القبح، مقتا: أي ممقوتا مبغوضا عند دوى الطباع السليمة، ومن ثم كانوا يسمونه نكاح المقت، ويسمى الولد منه مقيتا: أي مبغوضا محتقرا، وساء سبيلا: أي بئس طريقا ذلك الطريق الذي اعتادوا سلوكه في الجاهلية وبئس من يسلكه، لم يزده السير فيه إلا قبحا، والجناح الإثم والتضييق.